الوقفة الثانية :قال الله تعالى:{فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاغليظ القلب لانفضوا من حولك }
إن هذه الآية تستوقف كل من يملك إحساسًا لأن في مفرداتها نسمات رحمات الله .. كيف لا ؟؟ ونحن نرى طريقة من طرائق تربية الله لنبيه عليه الصلاة والسلام ..
إنها الطريقةالتي نحتاجها اليوم حاجة ملحة ..
تفيض علينا هذه الآية من خيراتها برحمات قلب عطوفيعطف على كل مخطئ ولا يتعامل معه على أنه منبوذ مرفوض بل يقترب منه أكثر ويحتويه ويفيء عليه بظلاله ..
إنها الرحمات التي تجعل المخطئ أكثر مقدرة على تجاوزخطئه ..
كم من المخطئين تفاقمت مشكلاتهم واتسعت لما لم يجدوا ذلكم الحضن الدافئ والصدر الحنون والقلب العطوف الذي يعيش مشكلاتهم بكل حب ورحمة بدل التعنيف والإغلاظ والتأنيب الذي يكون مؤداه غالبًا إلى ردة فعل غير محسوبة ؟؟
ألسنا بحاجة إلى مبدأ التراحم بيننا ؟؟
رحمة المربي بـــــــــــــــــــــالمتربي ... رحمة الأب بالأبناء ...
رحمة الكبير بالصغير ... رحمة المرشد بالمسترشد ...
إنها الرحمة التي ستجعل المخطئ سريع الفيئة رجاعًا إلى الحق أوابًا إلى الفضيلة توابًا من الخطأ ..
هذه الآية بين أيدينا تبين لنا إن الإغلاظ ليس أسلوبا ناجعا صحيحا !!
" ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك "
ثم تأمل ولك أن تتعجب من أولئكالذين يخلطون بين مفهومين متضادين (( الجدية والإغلاظ )) على الرغم من أنهما لايجتمعان ..
هل قرأت يومًا في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام؟؟
هل رأيت تجلي الرحمة في مواقفه؟؟!!!
تأخذ الجارية بيده ليقضي حاجتها .. يحتضن الجذع ليمسك عن البكاء .. يستمع لشكوى حمامة ..
إنها الرحمة التي تجلت في هذا النبي الكريم والرسول العظيم عليه صلاة الله وسلامه ..
يقول سيد قطب رحمه الله :
( فالناس في حاجة إلى كنف رحيم وإلى رعاية فائقة وإلى بشاشة سمحةوإلى ود يسعهم وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم .. في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ويحمل همومهم
ولا يعنيهم بهمه ويجدون عنده دائما الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضا وهكذا كان قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
هذه الآية تسدل الستار عن مفهوم مهم في حياة الداعية .. في حياة المربي ..
بل أقول في حياة البشر أجمعين .. فلنكن رحماء بين بعضنا متلطفين مع إخواننا ..
نقيل عثرة المخطئ ونأخذ بيده ونربت على كتفه تشجيعًا له لينهض مما هو فيه " رحماء بينهم "
" فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك "
خاتمة :
اللهم اجعلنا من عبادك الرحماء يا أرحم الراحمين.