لا تعط المشاكل أكبر من حجمها
قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "من عظَّم صغائرَ المصائب، ابتلاه الله بكبارها"
إذا
حدثت لك مشكلةٌ، فأهمَّتْك وكدَّرت عليك نومَك، فقد أعطيتَها أكبرَ من
حجمها الذي تستحق، وبذلك سوف تكونُ فاتورةُ السداد مرتفعةً جدًّا؛ إذ إنها
سوف تكونُ على حساب راحة بالك، وسُبات جسدك، ولذة طعامك، وعلاقتك بمن
حولك، وخصوصًا أسرتَك.
إن
بعض الأمور الضخمة ليس بالضروري أن يكون علاجُها مكلفًا، فقد يأتي العلاج
بأيسر الأمور، انظر إلى كل مشكلةٍ من خلال مرآةٍ محدبة؛ بحيث تجعلُها
بعيدةً وصغيرةً، ريثما تُعد لها الحل الناجح، والدواء الناجع.
كثيرون
عكسوا الأمر، فما من مشكلةٍ إلا وينظرون إليها بمرآةٍ مُقعرة تكبرها
وتقربُها؛ فيصبح خائفًا مكتوف الأيدي أمام طوفانٍ سوف يغمُره ويبتلعُه.
إذا صادفتْك مشكلةٌ، فاجعل علاجها ما يلي:
أولاً: اجلس مع نفسك جلسةً هادئةً، تنظُر بعين التأمل والتفكير.
ثانيًا: اكتُب هذه الأسئلة الآتية في ورقةٍ، وضعْها أمامها، ولا بد من كتابتها، ولا يكفي أن تجعلها في عقلك:
السؤال الأول: ما الذي أنا قلقٌ بسببه؟
السؤال الثاني: ما هو أسوأُ ما يُمكن أن يترتب على هذه المشكلة، إذا لم أجد الحل المناسب؟
السؤال الثالث: ما هي الحلولُ التي يُمكن أن تعالج هذه المشكلة؟
السؤال الرابع: ما هو الأنسبُ من هذه الحلول؟
أكرر: لا بد من كتابة هذه الأسئلة على ورقةٍ.
وابدأ أنت بالإجابة على السؤال الأول، واكتب سببَ القلق الذي أهمَّك.
ثم
اكتب أسوأ ما يُمكن أن يترتب على تلك المشكلة؛ إذ إن كثيرًا من المشاكل
يترتب على عدم حلها أمورٌ تافهةٌ لا تستحق حتى صداعَ رأس، أو عدمَ شهيةٍ
للطعام، فضلاً أن يغتم يومَه ذلك، أو يجعل نفسه في كربةٍ وبلاءٍ.
ثم
اكتب كل حلٍّ يُمكن أن يكون لتلك المشكلة، ولو أن تكون تلك الحلولُ ليست
وليدةَ اللحظة، بل كلما جال في فكرك حلٌّ فاكتبه، ولا تؤجل كتابته.
بعد ذلك سوف ترى أمامك عدة حلولٍ، اختر ما هو أنسبُها في نظرك، وممكنٌ أن تزاوج بين حلين أو ثلاثةٍ، ثم اختر الحل المناسب.
كما يفضَّل أن تقوم بعمل الآتي:
اكتب
العبارات الآتية عند المشكلة التي أرقت بسببها، وضعْها في المكان الذي
عادة ما تجلس وتفكر فيه: كمكتبتك، أو مجلس العائلة، أو غرفتك الخاصة:
• صحتي وسلامةُ عائلتي أهم من ثروات الدنيا وجميع مناصبها.
• كل ما أصابني بقدر الله - عز وجل - قبل أن يخلُقني بخمسين ألف سنة، وسوف يأجُرني الله عليه.
• ما دامت مصيبتي ليست في ديني، فهي هينةٌ مهما عظُمت.
• الله ربي وهو رحيم ودود كريم، ولن يضيعني أبدًا.
• كل خسارةٍ تعوض: المالُ يذهب ويجيء، المرضُ يَحُل ويزُولُ.
• المصيبةُ مثل فقاعات الصابون، كلما كبِرت قرُب انفجارُها وزوالها.
• المصيبةُ كلما اشتدت، فقد وصلتْ إلى عنق الزجاجة الذي يعقبُه الخروج.
• إذا فشِلتُ أو خسرتُ، فلن أموت، ولن تقوم القيامة، ولن أدخل النار، ولن أفقد عائلتي وأولادي؛ فعلامَ الخوف إذًا؟!
بهذه
الطريقة سوف يتضح لك أن كثيرًا من مشاكلنا ما هي إلا كالبالون الكبير،
نحن من جعلناه يكبرُنا بكثيرٍ، ونخشى أن يسقط علينا، في حين أنه لا يحتاج
إلى ذلك الخوف، ولا يحتاجُ لإعادته إلى حجمه الطبيعي صغيرًا تحت أقدامنا
إلا إلى وخزةِ دبوسٍ واحدة.
[center] من كتاب "ولكن سعداء.." للكاتب أ. محمد بن سعد الفصّام